تعديل

السبت، 24 سبتمبر 2011

فيلم أفاتار ونكأ الجرح العربي الغائر ( معليش احنا بنتبهدل ) ..





سينما هوليوود يبدوأنها فعلا لاتقف عند حد .. وقتما تم إنتاج فيلم تايتانيك بميزانيه كبيره جداً توقع البعض أن هذه أعلى ماقد تصل لها هوليوود من ناحية الصرف الضخم .. حيث أن مبلغ مليار كان في ذلك الوقت حلم بعض الدول الإفريقيه التي كانت ترى فيه مخرجاً رائعاً لأزماتها الماليه .. فكيف يصرفها البعض لإنتاج فيلم سينمائي .. لكن عاد المبدع جيمس كاميرون مرة أخرى بفيلم أفاتار .. الذي أبهر الكثير بمؤثراته الصوتيه والمرئيه .. والتي كلفت الكثير لكن في لغة هوليوود لاسقف للصرف في سبيل إنتاج فيلم جيد ..


قبل أيام سنحت لي الفرصه لمشاهدته .. لم أكن أهتم بالقصه بشكل كبير .. فقد كنت شغوفاً بمشاهدة سحر هوليوود السينمائي .. وقد توقعت بعد أن أخرج من قاعة السينما أن تتبخر قصته وتبقى في مخيلتي ألعابه البصريه .. والتي أعترف أن المخرج أجادها لأبعد حد .. لكن بعد مشاهدته كاملاً لم أشعر إلا بالحسره والعجز والقهر ..


أن هنا لا أريد في هذا الموضوع أن أتغزل بهوليوود ..
لا أريد أن أحكي عن جمال الفيلم ..
لا أريد أن أتحدث عن المؤثرات الخرافيه فيه ..
لا أريد أن أتكلم عن السينما أساساً ..



فقط أردت أن أتوقف قليلاً عند قصة الفيلم .. فالفيلم بإختصار يحكي عن أن مجموعة من الباحثين والعسكريين الأمريكان وجدوا كوكباً صالحاً للعيش لسكان الأرض .. وكالعاده تنطلق حمله إستعماريه لإحتلال الكوكب .. الذي يشابه تركيب سكانه الجسدي تركيب البشر .. ولكنهم متخلفين قليلاً ويؤمنون بالخرافات المقدسه .. يجد الأمريكان كنزاً حقيقيا في هذا الكوكب يتمثل في مصدر جديد للطاقه .. لكن أهل الكوكب نفسه يعارضون أخذه منهم بالقوه .. وكعادة الأمريكان في كل وقت وكل زمان يلجأون بشكل مباشر للمواجهه العسكريه .. وتدور حرب كبيره بين الشعبين .. وبما أن شعب بندورا متخلف حيث يستخدم الخيول والرماح -تلميح قوي- .. يقررون أن تتحد جميع عشائره لصد العدوان الأمريكي ..


حسناُ كل هذا جميل ورائع .. ولكن ألا يطرق ألف جرس في ذاكرة المشاهد العربي ؟؟
ألا يبدو الوضع مشابهاً بشكل ما للتاريخ العربي ؟؟
ألم يتكرر هذا السيناريو كثيراُ في المنطقه العربيه ؟؟
أليست القصه تحاكي الواقع العربي من حيث التخلف وقوة العدو المقابل؟؟
في الفيلم تتحد جميع العشائر -وهذا تلميح آخر- لدحر المحتل مهما بلغت قوته وعتاده .. السر هنا في توحد الكلمه وألم الجسد الواحد ..


المخرج هنا يقول أن الوضع الطبيعي هنا أن تتم مقاومة المحتل مهما بلغت قوته وضعف صاحب الأرض .. لكن بإتحاد أفراده وتعاضدهم بإمكانهم تكوين قوتهم الخاصه ..


ألم يتكرر هذا السيناريو في فلسطين والعراق وأفغانستان ؟؟
كأن المخرج يقول أنا لا أفهمكم أيها العرب !!
لماذا الخضوع والإستكانه لمغتصبيكم ؟؟
لماذا الخوف والهرب من المواجهه ؟؟
لماذا العمل بمبدأ (حوالينا ولاعلينا) ؟؟
متى يستيقظ الضمير العربي من سباته ؟؟


ربما مناضلي قرية بلعين الفلسطينيه معهم كل الحق في تقليد شعب بندورا فالفيلم .. ليس لتنبيه الشعوب العربيه .. فقد أسمعت لو ناديت حيا ..فهم في سبات سيدوم طويلاً لأنه بإختيارهم .. لكن ربما لأيقاظ الضمير الغربي من خلال لغة يفهمها ..


أما نحن فنجيد البكاء على الأطلال بكل إحترافيه .. منذ مرثية أبو البقاء الرندي بالأندلس ونحن في مرثيات لاتنقطع .. كأن الذل شيء مفروغ منه وقدر حتمي ..


يقول نوبوكي نوتوهارا الذي عاش سنوات عديده وسط المجتمع العربي في كتابه (العرب وجهة نظر يابانيه) :


((عندما انتهت الحرب العالمية الثانية، كنت في عامي الخامس، ولقد رأيت اليابان مهزومة وعشت مع أسرتي نواجه مصيرنا بلا أي عون. كنا لا نملك شيئاً أمام الجوع والحرمان وظروف الطقس وغيرها. ولقد رافقت عملية إعادة البناء، كنت أعيش مع عائلتي في طوكيو وطوكيو هدمت بالكامل حياً حياً و شارعاً شارعاً. في الأيام الأخيرة من الحرب. عرفت هذا كله وعرفت أيضاً نتائج مسيرة تصحيح الأخطاء وأنا نفسي استمتعت بثمار النهوض الاقتصادي الياباني. بعدئذ سافرت إلى البلدان العربية وكانت قد تجاوزت الثلاثين من عمري ورأيت وقرأت وتحدثت إلى الناس في كل مكان نزلت فيه. لقد عانيت بنفسي غياب العدالة الاجتماعية وتهميش المواطن وإذلاله وانتشار القمع بشكل لا يليق بالإنسان وغياب أنواع الحرية كحرية الرأي والمعتقد والسلوك وغيرها. كما عرفت عن قرب كيف تضحي المجتمع بالأفراد الموهوبين والأفراد المخلصين، ورأيت كيف يغلب على سلوك الناس عدم الشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع وتجاه الوطن ولذلك كانت ترافقني أسئلة بسيطة وصعبة: لماذا لا يستفيد العرب من تجاربهم؟ لماذا لا ينتقد العرب أخطاءهم؟ لماذا يكرر العرب الأخطاء نفسها؟ نحن نعرف أن تصحيح الأخطاء يحتاج إلى وقت قصير أو طويل. فلكل شيء وقت ولكن السؤال هو: كم يحتاج العرب من الوقت لكي يستفيدوا من تجاربهم ويصححوا أخطاءهم، ويضعوا أنفسهم على الطريق السليم؟؟ )


فالواقع لا أنصح أي شخص فلسطيني أو عراقي أو مواطن عربي يملك ضميراً حياً بمشاهدة الفيلم .. هو يصلح لشخص منفصل عن واقعه ويريد التمتع بمؤئرات الفيلم الخاصه .. وبالتأكيد هو مناسب للحكام العرب لكي يشاهدوا (خيبتهم) ..!!


0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More