تعديل

الثلاثاء، 13 سبتمبر 2011

ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد

عندما انتشرت ثقافة البوكيمون لأول مره حول العالم .. كان من الطبيعي جداُ أن تمر على بلادنا خلال وقت قصير بحكم العولمه .. كانت التفاصيل مجهوله للكثيرين لا أحد يعرف سوى أنها لعبه يابانيه صفراء اللون .. كنت وقتها في المرحله المتوسطه كغيري أجهل كنه هذا الشيء ولم ألقي له بالاً لأن انطباعب الأولي عنه انه لعبة أطفال لا أكثر .. لكن ما اثار فضولي أنه وخلال فتره قصيره .. قامت حمله مضاده شرسه ضد البوكيمون .. تقوم بالتحذير الشديد منه والويل العظيم الذي اجتاحنا .. واستخدمت جميع الوسائل لتوعية الناس من خطره المدمر على الأمه.. أذكر أن مدرستي كانت من ضمن المدارس التي يزورها أحد الدعاه بإستمرار .. وكانت توجه إليه الأسئله بعد إنتهاء محاضرته عادةً ..
وبما أن البوكيمون وقتها كان موضة العصر كانت أغلب الأسئله تدور حوله .. لكنه -جزاه الله خير الجزاء- أعلن أنه سيوزع مطويات أعدها الغيورين على الأمه حول البوكيمون وأخطاره بالتفصيل .. طبعا غني عن القول أن الورق كان مطبوعاً عند مطابع رسميه وليس إجتهادات (وهنا تساؤل حول دور وزارة الإعلام؟؟) ..

ذهبت لأحصل على نسختي من أحد الشباب المتحمس الذي كانت ملامح وجهه تعبر عن الإنشغال التام والحماس الشديد لأنه يعتقد أن إنقاذ الأمه يقع على عاتقيه لأن هذه الأوراق تحمل كشف المؤامره اليابانيه الشريره .. طلبت منه وقتها عدة نسخ ونظر لي في إمتنان عظيم وأعطاني رزمة أوراق وقال (هاك وزعها على جيرانكم بعد صلاة الفجر) طبعاً المقصد واضح هنا ولماذا الفجر بالتحديد .. عموما عندما رجعت للبيت نظرت للورقه بتمعن .. كانت عباره عن مقدمه لحال الأمه الإسلاميه المتردي وكيف أن دول العالم بأسرها لن يهدأ لها بال حتى تفسد شبابنا و و و ...الخ .. ثم بعدها يبدأ بالتعريف بماهية البوكيمون ويقول أن البوكيمون هي لعبة قمار بالدرجه الأولى فضلاً على أن البوكيمون هي طريق للتهويد لأنها تحمل معاني يهوديه خالصه فالبوكيمون تعني بالحرف الواحد : أنا يهودي !!!! ثم يسرد قائمه بأسماء البوكيمونات ومعانيها العربيه ..
بيكاتشو : مثل البوكيمون تعني أنا يهودي
(ربما لأنها أسرع كلمتين إنتشارا وضعوا لها كلمه صادمه إن لم تسمع بهذه فبتلك)
تشارمندر : أنا أكره الإسلام
بولباسور: أنا أحب النصارى والصليب ويوم القداس
جولدن: أنا أحب الخمر والنساء والقمار
ماك: أنا أشكك في السنه النبويه
جريمر : أنا لا أؤمن بوجود الرب (دخلنا مرحلة الإلحاد هنا)
سلوبوك: أنا لا أعترف بالأربعين نوويا
:
:
:
ويستمر سرد الأسماء ومعانيها بهذا الأسلوب الساذج .. وفي النهايه يكتب أعدها فاعل خير لايريد إلا الأجر ..!!
ربما ظن وقتها عندما انتهى من إعداد هذا الهراء أنه قدم علمه المقدس وعمله في سبيل إنقاذ الأمه من الضياع وأنه ليس بينه وبين الفردوس الأعلى إلا أن يلقى ربه .. غير عالم -ربما- أنه قام بمحاولة إستغفال جيل كامل .. فالبوكيمون كما عرفت فيما بعد انه إختصار لكلمة poket monster أي وحوش البطاقات .. دعك من أن اليابان أصلاً دوله يقوم دينها على تقديس الأجداد وبعضها يتبع المذهب الكونفشيوسي .. وليس لها علاقه دينيه بأي دين سماوي سواء اليهوديه أو الإسلام عدا بعض الجاليات هناك .. فكيف تجند اليابان نفسها لنشر اليهوديه بين المسلمين ؟؟؟؟




جواب هذا السؤال ياساده هو الجهل ولاغيره .. فالمنظومه الدينيه عندنا تحارب كل ماهو جديد من باب (كل مايأتي من الخارج سيء وإذا كان جيداً فقد سبقهم فيها علماء المسلمين) .. دون أن تعطي الشعب فرصه لكي يقرر بنفسه الصالح والطالح من وجهة نظره .. فالشعب بنظرهم لاعقل له وغير مطلع على العالم .. ويجب أن يكون هناك من يأخذ بيده ويقوده وإلا فالهلاك المحتم مصيره .. والشواهد والأجداث كثيره .. لاأعترض على تدخلهم لو كان محايداً لكنهم يسيرون الأمور كما يريدون والويل لمن يعترض فتهمة العلمنه ليست أقل مايوصف به .. الأمر يشبه كثيراً ماكان يحدث في أوروبا في القرون الوسطى ومحاكم التفتيش ومعادداة كل ماهو جديد .. حيث أن أي شخص يعارض الكنيسه مصيره الحرق أو الإعدام .. فقصة للعالم جاليليو معروفه .. للكل وكم من علماء وأشخاص أبرياء قتلوا بلا أي ذنب ..


قطعاً لم نصل إلى هذه المرحله .. لكننا على الأقل نعيش بنفس الأفكار .. حتى إن المجتمع يتنى أفكارهم بدون تفكير .. منذ أن انتشر الإنترنت والإيميلات .. تصلنا رسائل بين فتره وأخرى تكشف لنا مؤامره أو سرا إسم بنفس الشكل ساذج .. دائم هناك عبقري -أو هكذا يحسب نفسه- يكشف نظريه حمقاء لاتدور إلا في مخيلته و (انشر تؤجر) .. منذ الأمر conn الذب لاتستطيع تسمية أي ملف بهذا الإسم .. والسبب الأبله هو أنه كلمة كن التي يختص بها الخالق عز وجل .. أما السبب الحقيقي فيعرفه أي شخص مهتم بالحاسب .. حيث أنه كلمة محجوز لنظام التشغيل ويندوز .. إلى أن نصل لعبقري آخر اكتشف أننا لو عكسنا كلمة بلاك بيري لوجدنا طامه تعمدها الغرب لإهانة الله عز وجل .. وأجد أنه من غير اللائق هنا أن أشرح أصل التسمية لإنها إهانة لذكاء قاريء هذه السطور ..


والبلاك بيري هي ليست اخر التقنيات التي طبقت عليها نظرية المؤامره .. بالعاده نقرأ أن هناك إستعداد لمرض ما أو صد عنوان خارجي أو بحث علمي جديد .. لكن هنا انصدمت بخير هنا أن إحدى الجهات الدينيه لدينا تجهز أفرادها للإستعداد للتصدي لتقنية البلاك بيري وأخطارها .. كأننا بصدد دخول حرب ما .. أو نستعد لكارثه طبيعيه .. هنا ندخل في نفس الدوامه .. يتغير الأشخاص لكن الفكر ثابت .. هم أنفسهم من كانوا سابقاً يسمون تقنية البلوتوث (بلاء توث !!) .. نظرية المؤامره متأصله هنا .. وهي سبب رئيسي لتخلفنا فقطار التقنية ينطلق بسرعه رهيبه .. ولن يتوقف حتما عند شعب يبحث عن مؤامره حول منتج ما .. الأمر أبسط بكثير في الواقع خصوصاً إذا ماعرفنا أن أغلب الشركات العالميه لاتلقي بالاً للمنطق العربيه ككل لأسباب يطول شرحها فصلاً على أن تكون هذه الشعوب شغلها الشاغل ..




عندما قرأت هذا الخبر أيقنت أن عربة بلدي ينقصها الكثير لتلحق بالقطار فالمشكله موجوده فالعقول وهذا مايعقد المسأله .. لأن دائماً علل الأفهام أشد بكثير من علل الأجساد .. لا أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد .. هذا هو المبدأ الفرعوني العبقري الذي نمشي عليه .. مسيرين طبعاً لامخيرين ..

1 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More